د. محمد المعموري
التنافس هو دافع يشعر به اي شخص للوصول الى نجاح حققه شخص في نفس مضمار عمله ، والتنافس لا يقتصر على العمل بل يشمل التعليم وكذلك ايضا العبادات وهذا ما شجع عليه الله سبحانه وتعالى عباده على التنافس بينهم للوصول الى ارقى حالات العبادة وهذا لا يعني ان يتعدى احد من عباده على احدهم او ان يقيده في افكاره او ان ينظر اليه نظرة حسد او ان تتولد من تلك المنافسة الحقد والضغينة بين المتنافسين الذين يبغون وجه الله بل التنافس يكون بأيهم يحفظ القران وكم من النوافل يستطيع عباد الله تنفيذها والصبر عليها وامور تخص العبادات لا امور تخص كرسي زائل او منصب يتلاشى ليذهب الى انسان غيره لذا فان التنافس من اجل الرقي هي ما حثنا عليها ربنا في كتابه العزيز حيث قال سبحانه :
(وفي ذلك فليتنافس المتنافسون )
وهو تنبيه لعباده بأحقية التنافس لمن نتنافس وعلى من يكون التنافس ....!.
ولانا نتكلم عن التنافس في العمل فإنني احبذ ان اعرج على تجربة شخصية حيث عشت معها وتعايش بها ، حيث كنت اعمل في احد دول الخليج وكان يشاركني غرفتي مهندس "كحالي" وكلانا في غرفة واحدة ومكاتبنا باتجاه واحد وحتى كنا نسكن في بيت واحد وكان "رامون "ذاك المهندس الفلبيني يعمل بنفس مضمار عملي وكنا عندما ندخل مكتبنا كأننا لانعرف بعضنا ولا اعتقد في يوم من الايام انا تابعت عمله او انه نظر الى ما يتواجد من ملفات على مكتبي ايضا تخصه وكان يفرح لنجاحي وكنت افرح لنجاحه لم نكن نعمل لنتبع بعضنا بعضا او نسقط بعضنا بعض او اننا كنا نعمل ليقال عنا اننا مخلصين بل كان النجاح يحيطنا وكنا فرحين بما فضل الله علينا كنا نتنافس في انجاز عملنا وكنا نتسابق في مساعدة بعضنا وكنا نذهب ونأتي بمسار العمل وكيف ننجح ذاتنا فتولدت لدينا طاقة ايجابية جعلتنا لا نخشى بعضنا بل كانت انجازاتنا توضع على مكاتبنا دون ان نحرص على اخفائها او ابعادها عن عيون بعضننا لأننا كنا واثقين من نفسنا ولأننا كنا نقدم عمل ونعتقد ان ما نقدمه هو راس مالنا وهو ما نتقاضى عليه اجرنا فتصاعدت الهمم وانزاحت امراض كنا نتجنب ان نزرعها في ذاتنا .
الموظف عندما يتميز على اقرانه يجب عليهم ان يحتذوا به وان يقدموا له كل العون من اجل المضي في مسيرته والمسؤول عن الموظف عليه ان لا يخشى من ممن هم تحت امره فتأخذه الاحقاد لطمس نجاح هذا الموظف خوفا من اخذ مكانه ، ان الارزاق بيد الله سبحانه وتعالى ومن يعيش في ظل الحيلة يموت في وسع الفقر ومن يحفر لأخية سوف تأخذه قدمه ليدفن في حفرته ومن يطلب مجد ليس له فيه جهد سيكون كمن يأخذ الماء بكفيه ليسقي عطشه .
نعم علينا ان نتنافس لنرتقي لا نتنافس لنمس حقوق الاخرين علينا ان نرفع الموظف للجيد ليكون قدوة لغيره ممن معه لا نحاربه لنجعل من همته خمول ونضع بدربه العراقيل ونتمنى له الثبور، وعلينا ان نعلم ونتأكد ان الوظيفة لم تكن حكرا لاحد ولم يكن في يوم من الايام في اي زمن من الازمان الكرسي دائم لصاحبه بل ربما يكون لعنة له ، وربما يستيقظ فيجد نفسه خارج تلك الدائرة ولا احد سيذكره .
المنافسة الحقيقية هو ان ننجح جميعنا في انجاز اعمالنا يد بيد بدون حقد وبعيد عن الحسد ونتجنب ان نستغل بعضنا وان يكون جهدنا هو مقياس نجاحنا .