هذه الصلة مهمة كل الأهمية لبناء المجتمع المعافى التي ترتقي بالفرد نحو حياة كريمة تتجمع فيها أركان المحبة وتكبر معها قيم الأصالة لتتعمق جذور الرحمة والاحترام والرفعة للمجتمع الذي لولا هذه ٠الصفة لكانت بيوتنا "بيوت العنكبوت"، وصلة الرحم تزيد من تعميق العلاقات العائلية إضافة إلى أنها تكون بمثابة المدرسة للأجيال والتي من خلالها يتعلم الصغار من أجيالنا من إرث آبائهم من تقاليد واعراف التي توارثت من جيل إلى جيل وهذه التقاليد وحدها هي من استطاعت أن تقف بوجه التغيرات التي طرأت على المجتمع والتي ربما لولا صلة الأرحام لأصبح المجتمع العربي اليوم غير مدرك لكثير من الصفات التي تجمعنا الآن من محبة وتكاتف واحترام إضافة إلى الصلة الأكثر أهمية ألا وهي الابتعاد عن عقوق الوالدين.
والفضل كل الفضل في ترسيخ هذه الصفة المهمة في المجتمع العربي للقرآن الكريم الذي من خلاله أوصانا الله -سبحانه وتعالى- بترسيخها في مجتمعنا العربي والإسلامي كونها الوسيلة الوحيدة التي تجعل المجتمع بصفات أفراده الحميدة.
ولكي نعي أهمية هذه الصفة علينا أولا أن نستمع لقول الله سبحانه وتعالى:
﴿ والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب)
وقال الله تعالى: ﴿ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ﴾
وكذلك ما أوصى به رسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- (الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) لذا فإننا يجب ان نستوعب اهمية صلة الرحم عند الله سبحانه وتعالى وكذلك ما كان يوصي به رسول الله صلى الله عليه وسلم " وهو لا ينطق عن الهوى.. " .
وعودة على ذي بدء "مع موضوع المقال" نقترب قليلا من زواج الأقارب وما يحمله من قوة ترابط بين الأسر وما يعني ذلك لبناء المجتمع المعافى (وهذا لا يعني أن الزواج من غير الأقارب لا يساهم في بناء المجتمع، لان الزواج في حقيقة أمره هو تقارب بين الأسر وليس فقط يعني زواج اثنين (فتاة ورجل) ولكنه أيضا يمد جسور المحبة والتعارف بين الأسرتين وبالتالي فهو العلاقة الأكثر "دبلوماسية" في تكوين المجتمع)، إلا أنني اليوم أتمنى أن أبين بعضا ما تحمله من مأساة في زواج الأقارب من خلال نكران تلك الصفة وما تحمله صفة الرحم، وهنا يجب أن نقف لنتقارب في إيجاد الكوارث التي يحدثها زواج الأقارب في مجتمعنا الحالي وبعد أن أصبح الموبايل هو من يمثل صلة الرحم فهو الأقرب الينا من (الام والاب) لذلك اصبح زواج الاقارب لايمثل اي خطوط حمراء يجب ان لا يتجاوزها الزوج او الزوجة من بيت العائلة الكبيرة من بيت الخال او الخالة او العم او العمة فمن المفترض ان يكون الزوج او الزوجة يضعون حسابهم ما تعنيه صلة الرحم من محبة لذوي رحمة لذا فانه بالتأكيد سيجد الف عذرا لتجاوز اي عثرات قد تقع بها علاقة الزواج وان الزوج سيضع في حسبانه ما يحمله من محبه لأقاربه من طرف الام او الاب ومن ثم سيتجاوز عن الكثير من اجل ان تتعمق العلاقات وان تبقى الاسرة متماسكة، الا اننا بكل اسف نجد ان المتزوجين من الاقارب هم الاكثر "جحودا" لأقاربهم وهم "يهدمون" كل اركان صلة الرحم لانهم بكل تأكيد يستندون على صلة القربى وانهم لهم الحق "حسب ما يعتقدون" في سلوك اي سلوك اتجاه قريبتهم لانهم في مأمن مما يترتب من اثار على من سواه من دون الاقارب، واعتقد ان بعض الازواج من غير الاقارب هم الاكثر التزاما واحتراما لرابطة الزواج خاصة عند الازواج لانهم يعتقدون ان الزواج هو تلك الرابطة التي تجمع لتقرب لا تفرق اما "بعض" الازواج من الاقارب بل اكثرهم يتمردون على تلك الصلة وهم من يجعلون زوجاتهم الاكثر الم واكثر ندم على هذا الزواج... وهنا تلعب صفات الشخصية في تحديد مدى الوفاء والإخلاص لأقاربهم وتكريم الزوجة واحترامها كونها بنت العم أو الخال وربما العمة أو الخالة واين ما ذهبنا فأننا لن نبتعد عن الأم أو الأب فمن يصون تلك الصلة هو الأكثر وفاء لامه وأبيه ومن يفرط بها فإنه... والله المستعان.