الدكتور/ محمد المعمودي
كاتب وباحث عراقي
يمر الإخوة السورين بأسوأ حالاتهم مع حصار جائر وتجاهل دولي ونكران عربي ومصيبة إصابتهم من جراء الزلزال الذي ضرب شمال بلدهم ليزيد من مأساة هذا الشعب المسكين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولأننا شعب كريم فإن الشعب العراق "هب" رغم أوجاعه ليناصر إخوانه من السورين فتطوع المتطوعون لجمع التبرعات وتم إرسالها بأسرع وقت لأنهم يعلمون أثر المصائب ووطأت الحصار...
ولست بصدد الكتابة عن مأساة حدثت ولكني بصدد تصرفات من "مصلحين" حدثت وتحدث وهم قدوة لنا قي الحياة وأمرنا أن نقف ورائهم في صلواتنا بكل خشوع ومن ثم اتباع نصحهم عند كل شاردة وواردة ولكن...
عندما كنت في بريطانيا كنت أصلي في مسجد إمامه من نيجيريا، كان شابا حافظا للقرآن وفصيح اللسان وكأنه عربي في فصاحته وذو حجة في لغته الإنكليزية لتكتمل معه فصاحة العربية في بلد مطلوب منه أن يتكلم لغتهم ليوصل مبادئ ديننا الحنيف وقد كان كذلك، لم يكن فقط ينصحنا بمبادئ ديننا الحنيف ولكنه كان يحثنا على التبرع والتطوع لجمع ما يتبرع به المصلون وكان دائما يقول لو كان عندك، قميصان "تبرع" بواحد لإخوانك الذين قد يحتاجونه، كنا نفرغ خزائن ملابسنا بجديدها وقديمها لنتبرع بها فهي الهبة التي تجمع المسلمين على المحبة ولم يكن في حينها يطلب منا أن ناتي بكل جديد أو فقط لان تاريخنا يخبرنا بجود الصحابة عندما كانوا يخلعون البردة من على أجسادهم لتكون الدفء الذي يتمناه من هو محتاجه من المسلمين فليس الكرم فقط في الجديد وإنما الكرم في أوقات الحاجة والمصائب بما يتيسر مع المسلمين ولا يجب أن يحتكر العطاء على اختيار ما هو جديدا لأننا سنحرم الكثير من المحتاجين من ما يقدمه المسلمون من ملابس وأغطية تجمع لكي تجنبهم الم البرد وتقيهم من ليل بارد مظلم فرضته عليهم الظروف.
وفي ظرف سوريا اليوم يتبرع مع من يقدر بأجود ملابسه او بشيء مما يساهم في تجنب قساوة البرد ولكي تكون مشاركة لإخوننا من مستخدم من الملابس او قطع من الفراش بجديده او مستخدمه بنية خالصة لله الواحد القهار إلا أن" شيخ جامعنا "في خطبة الجمعة وبعد انتهائها شجب هذا التبرع وقال" إلى يرغب بالتبرع عليه أن يتبرع بالجديد... أو أنه غير ملزم... "وهنا لدي سؤالان:
الأول: هل السورين من الأطفال والنساء و... يلبسون الملابس ليتباهوا بها أم أنهم يلبسونها لتقيهم شر البرد وان أي مساهمة يجب أن تحمد وان لا يشهر بها ومن واجب أمام المسجد وإدارته لو لم يرغب بإرسالها أن يجمعها فيتبرع بها إلى أية جمعية خيرة لإيصالها لهم أو لمن يحتاجها وان لا يغلق باب التبرع عن المسلمين بجديدة وما سواه فأنا رأيت في الخليج وضعت صناديق أمام المساجد لوضع الملابس المستخدمة ليتم جمعها وإرسالها إلى المحتاجين واعتقد من واجبنا كمسلمين أن نشجع التبرع للمسلمين باي طريقة وأن نوصل للمحتاجين ما يحتاجون اليه.
أما سؤالي الثاني فهو كيف لإمام مسجد أن يمنع متبرع من التبرع وهو كل نيته لله وإن كان قد جلب ما لا يرضي الإمام كونه ربما" برجوازي "فإن الله يرضيه ما يتبرع به العبد حتى ولو "بشق تمرة" لأنه ما تبرع إلا لغيرته على إخوانه المسلمين، وهذا المتبرع بالنهاية قد تبرع بشي لله وليس من أجل أن يفرغ خزائن ملابسه كما يدعي أو يعتقد الإمام .
ولأننا لا نمنح للمسلمين فرصة المشاركة مع إخوانهم بالجديد أو أن نتبرع بما يقيض عن حاجته أو أننا نختار الأجود من ملابسنا سنجعل فئة من الناس فقط يتبرعون ويحرمون فئة أكبر من أن يتصدقوا وبدل أن يساهم أئمة الجوامع في نشر روح المحبة سيتفرق الجميع من حولهم لأن ائمة زماننا ينتقون الأجود وينسون أن الله يتقبل من عباده مايجيدون به لوجهه الكريم.
وأخيرا أقول إنني أحب هذا الإمام" المصلح "ولكنه ترك أثر كبير في نفسي وألم لا زال معي وأنا أكتب مقالي هذا ولا أعلم متى يزول ولكنني سامحته، لوجه الله -سبحانه وتعالى-.
وأقول هل الغرب أفضل منا وهم يجمعون التبرعات بأنواعها وأشكلها وإيصالها لمن يحتاجها، وليس هذا فقط بل يجعلون من التبرع صفة للمحبة بينهم وان تبرع أحدهم بقطعة خبز.
نعم إن الله ملزمنا بالوقوف مع إخواننا ولا أعتقد أن شيخ جامعنا قد جلب تفويضا من السماء بإعفائنا من مساعدة إخواننا.
والله المستعان