بقلم سلطان بن محمد القاسمي
أربعة عقود من الزمان مضت، وكنا فيها نعيش في كنف سلطان حباه الله الهيبة والرحمة.. لم يخيل إلينا يوماً أننا سنفقده، رغم إيماننا بالآجال والأقدار، لكنما كل طفل في دواخلنا كان يأمل بقاء ما لا يبقى، وشعرنا بالأمن، والسلام، والمحبة، وتأكد لدينا أننا مجتمع متكافل، متعاون، محب للخير، ويسعى فينا الصغير قبل الكبير إلى البذل والعطاء. لقد كنا نخشى من فقد هذا كله، وخشينا من مستقبل يغيب فيه من أحبنا وأحببناه، حتى حان الأجل وقدر الله رحيل السلطان قابوس -رحمه الله تعالى-، ليتسلم الراية من بعده السلطان هيثم -حفظه الله تعالى-، فإذا نحن في انتقاله جميلة، كأنما تحولنا من دوحة غنّاء إلى دوحة غنّاء أخرى، عقلاً وفكراً وسياسة، فصار الأمل يكبر ويتجدد، وتنطلق بنا المسيرة من غير تباطؤ، ولا تلكؤ، فعوضنا الله بهيثم مافقدنا، وملأ علينا حياتنا بنظير ومثيل لمن عاش معنا عقوداً.
إن اليوم الذي فقدنا فيه، هو اليوم الذي واصل به الفقيد عطاءه بوصية أغدقت علينا خيراً، فنحن اليوم نعيش أملاً جميلاً، وواقعاً أجمل، بقيادة السلطان هيثم أطال الله في عمره، وأمده بالعافية والقوة، وبالرغم من كل ما مرّ علينا خلال العام المنصرم، من ضغوطات صحية، ظلت القيادة الحكيمة، تبث الأمل في نفوسنا، وترعى أمورنا، وتطمئن قلقنا، حتى ما عدنا نخاف من شيء، لأن الله تعالى يعز عباده بعبد يخافه ويخشاه.
إننا – أيها الناس- محاطون برعاية الله، إذ إن شعورنا بالأمان والأمل، يتجدد كل يوم، ويكبر فينا ذاك المستقبل الواعد، وأن الأمل يحدونا أن غدنا سيظل هو الأجمل والأبهى والأنقى والأحلى. لأننا أبناء أمة تعلمت الإيثار وآثرت، وتلقت الجمال فتجملت، وتقلدت العطاء فتكرمت، وتبنت الإخاء فتوحدت، فنحن أقوياء بما ورثنا، وأقوياء بما عندنا، وأقوياء بقيادتنا، والله يرعى ذلك كله، مادمنا على الدرب القويم سائرين.
اليوم ، ليس أمامنا خيار إلا أن نظل مجتمعاً يضرب أروع الأمثلة في التفاؤل والوحدة، والتكاتف من أجل حراسة أخوتنا وتلاحمنا وبيتنا، وأن نكون سوراً عالياً يحول دون تسلق الضعف إلى علاقاتنا الاجتماعية، مؤكدين على أصالة البناء، ومتانة الأساس، وجودة التصميم، فنحن السلطنة، سلطنة عمان التي تمتد في مجدها وعراقتها لآلاف السنين، والتي زانها حكم قابوس، وزادها بهاء بهيثم الفارس الهمام ، وشعبها الأبي المحب للسلام.
في مثل يوم كهذا لابد من تجديد العهد، والولاء لوطننا الحبيب، نسير خلف راية خفاقة، تعود علينا بالمكانة العالية، والمعيشة الكريمة، والقوة والهيبة، ولاينبغي إلا أن نتطلع دوماً إلى كل ما هو جديد، وجميل، فالحياة مقبلة، والقادم أجمل بإذن الله تعالى. وغداً سنفرح أكثر، ونهنأ أكثر، وإن غداً لناظره لقريب.
اللهم ارحم سلطاننا قابوس ،، وأعطه من الأجر والثواب ما ترجو له النفوس ،، اللهم وتقبل منه صالح الأعمال وتجاوز عنه كل خطأ وزلل..