قد يبدو هذا السؤال بسيطًا إلا أني سأفاجئك عزيزي المنقب عن المعرفة ببعض الحقائق التي ستثير اهتمامك.. ما رأيك أن تفكر معي بكل الطرق التي تخطر على بالك، والتي يتخلص فيها جسمنا من السموم.. كم من الطرق تستطيع العد؟
خذ وقتك في التفكير.. يمكنك أن تجرب كتابتها حتى.. ملحوظة مساعدة: لا تكفي أصابع يديك لعد هذه الطرق!
آليات التخلص من السموم في جسمنا:
- الكبد: إنه الملك.. سيد التخلص من السموم، إنه أكبر الغدد في الجسم يتربع في أعلى البطن على اليمين. كل ما يُمتص من الأمعاء لا بد يعالجه الكبد قبل أن يعبر إلى باقي أنحاء الجسد، يمر الدم الذي يحمل المواد الممتصة من الأمعاء إلى الكبد عبر ما يسمى "وريد الباب".. اسم على مسمى أليس كذلك؟!
مقطع نسيجي للكبد يوضح التوزع شبه السداسي للفصيصات الكبدية
المثير للاهتمام أن الكبد قادر على تجديد نفسه إذا تعرض لأذية حادة حتى لو بلغ الضرر ٧٠% من خلاياه.. ليعود بعد فترة إلى وظيفته التامة…
- الكلية: إذا كان الكبد هو الملك، فالكلية هي الملكة!.. احم.. لا علاقة لهذا بأحلام طبعًا! الكلية ترشح وتصفي في اليوم الواحد قرابة ٢٠٠ لتر من الدم.. يملك الإنسان حوالي ٥ ليترات من الدم، ما يعني أن الكلية ترشح الدم من السموم ٤٠ مرة في اليوم.. لكن الكلية رقيقة، لا تتحمل الشدات كما الكبد، وتأذي النفرونات الكلوية لا يمكن تعويضه. لهذا تنتمي الكلية لمجموعة الأعضاء النبيلة: وهي تضم الكلية والدماغ والقلب والعين، فهذه أعضاء لا تتعوض خلاياها في حال تأذت.
(السيد النبيل دماغ بن عصبون، الملقب بأبو فكري)
- الرئة: تتخصص الرئتان العزيزتان في طرح ثاني أكسيد الكربون، كما أنها تساهم عبر ذلك بتعديل نسبة حموضة الدم.
- الغدد العرقية: نعم.. كثير من المواد الضارة تطرح مع العرق دون أن نشعر.
- الأمعاء: تطرد الأمعاء المواد الضارة عبر الفضلات، كما أنها الطريق الوحيد للتخلص من فائض المعادن الثقيلة في الجسم (كالرصاص والألمونيوم). تتراكم نسبة من هذه المواد في الخلايا ومن ثم تتحلل وتطرح بقاياها خارج الجسم مع الفضلات. كما تسكن في أمعائنا بكتيريا من النوع اللطيف تحلل الكثير من المواد الضارة وتمنع امتصاصها، ونسمي هذه الجراثيم حزب الفلورا المعوية.
يوجد في أمعائنا 100,000,000,000 كائن حي دقيق.. نحن مستعمرة للشباب الطيبة (مليون مليون جرثوم وجرثومة.. الله يوفق بالحلال)
- الفيتامينات: مثل فيتامين C و E.. إنها تبطل فعل الجذور الحرة! لكن ما هي الجذور الحرة؟ إنها مركبات كيميائية تنتج عن التفاعلات الكيميائية في الجسم، أو نتيجة للتعرض للشمس أو بعد تناول أطعمة معينة مثلاً. إذا تركت هذه الجذور حرة عاثت في الجسد فسادًا.. لذا هي بحاجة لمن يكبح جماحها!
- مضادات الأكسدة: تساعد الفيتامينات في السيطرة على النزعة الشريرة للجذور الحرة. تحدثت عن الكثير منها في هذا المقال.
- الكريات البيض: لا تهاجم الجراثيم والفيروسات والفطور فحسب، بل الكثير من السموم المفرزة إلى الدم.
- جهاز المتممة: عصابة من المكونات التابعة للكريات البيض أو عناصر مناعية أخرى.. وسميت متممة لأنها تتمم عمل الجهاز المناعي.
- الجلد: كيف يتخلص الجلد من السموم؟ تتساءلون. هل تتذكرين يومًا علق طلاء الأظافر أو مزيل الحبر على أصابعك.. في اليوم التالي لم يعد موجودًا.. هذا لأن الطبقة العلوية من الجلد تساقطت حاملة معها كل السموم العالقة.
- مخاط الطرق التنفسية: ألا تصابون بالسعال إذا تشردقتم؟ ألا يسعل الشخص إذا تنشق غبارًا أو دخانًا؟ تعلق الجزيئات الضارة على مخاطية الطرق التنفيسة ومن ثم نطردها عبر سعالنا.
- اللعاب: كيف يكون اللعاب أداة للتخلص من السموم؟! نحن نبتلع لعابنا على الدوام دون أن نشعر.. إننا نتناول قرابة لترين كاملين من اللعاب يوميًا.. وإذا أكلنا العلكة ربما صارت ٣ ليترات! لا أود منكم تخيلها مجموعة في إبريق!! قلت لكم لا تتخيلوها.. أنتم فعلتم.. ليس ذنبي :) اللعاب يجبر السموم على الانزلاق إلى الجهاز الهضمي حيث يقابلها حمض المعدة الرهيب.. وهناك تتحلل الكثير من المواد الضارة بفعل حامضية الجو في المعدة..
أخبروني الآن كم استطعتم أن تعدوا منها؟
أيًا كان الرقم.. أحسنتم! يمكنكم أن تبلعوا ريقكم الآن.. لا تترددوا في إكمال رصيد اللترين.. فاللعاب يساعد على الهضم أيضًا :)
وأخيرًا.. بعلكة أو بدونها.. أتمنى أنه كان مقالًا سهل الهضم، أو ربما مهضومًا (كما يقول أصدقاؤنا في لبنان)