بقلم أبو عربي / ابراهيم أبو قديري
اعتدى المعتدون بارتكاب أبشع الجرائم الهمجية،جربوا كل آلات الدمار حتى الأسلحة المحرمة،واستهدفوا الأطفال والنساء والشيوخ والمدارس،والمساجد والمصانع والمزارع فما حصدوا من العدوان إلا الخيبة والفشل لأن فلسطين لم تركع،ولأن المقاومة لم تستسلم.
واعتدل المعتدلون بما فوق الكفاية،وبرعوا في المبادرات السلمية،وبالغوا في اعتدالهم إلى حد التهاون والتنازل والتفريط ،بل وذهبوا إلى حد مخاصمة أمتهم ، ولكن ذلك كله لم يرض العدو،ولم يحترم في من يدعون الاعتدال (اعتدالهم) بل راح يسعى إلى المزيد من إذلالهم وإحراجهم .
اعتداء تحطم على صخرة الصمود والمقاومة،واعتدال تبدد أمام عنجهية القوة الطاغية،وغطرسة الصهيونية ،وأكذوبة القيم والمبادئ والمرتكزات التي تدعيها الدول الأجنبية :عدو يستقوي بالسلاح يروعه الخوف،مسكون بالفزع يرتعش من الضحية،ويظن أنه أحرق فلسطين،ولم يعلم أن فلسطين اشتعلت كي تضيء الفجر بالنصر،وتشعل الوطن العربي والعالم أجمع.
وتواصلت الثورة على الاحتلال والاستيطان التي انطلقت منذ حوالي قرن ونصف ابتداءمن منطقة خضيرا وملبس قرب يافا في أول مواجهة شعبية بين المزارعين الفلسطينيين وأوائل المستوطنين الصهاينة ،ثم اعقبتها مباشرة عريضة أبناء مدينة القدس الموجهه إلى السلطان العثماني تطالبه ان يؤمر واليه في بلاد الشام ان يوقف التسلل الصهيوني إلى فلسطين ..هذه الثورة ظلت تواصل طريقها نحو التحرير عبر محطات وصيغ،وأدوار،وفق الظروف والمؤثرات ،ورغم المجازر،والمذابح ،والمؤامرات.وبعد كل جريمة صهيونية بشعة يروي الصهاينة عطشهم من الدم الفلسطيني يشعرون مؤقتاً بشيء من الارتياح متوهمين أنهم أجهزوا على روح المقاومة ولكن سرعان ما يكتشف الصهاينة الخيبة لأن هذا الشعب مازال مصراً على الثورة والمقاومة وأن الصهاينة لم يقتلوا هذا الشعب يقيناً ولكن شبه لهم...فلسطين لم تمت ولاتموت،وستبقى دماء الشهيد ،وروح المقاومة منارات ومحطات في مسيرة الثورة والمقاومة.
الحرب اليومية المستمرة والمجازر الصهيونية المتواصلة،وصمود المقاومة كل ذلك يضع القضية الفلسطينية في الواجهة على مستوى العالم والجماهير العربية تعبر عن الاستنكار والغضب،وترغب في أن يتاح لها فرص المشاركة في المعركة ،والتطلع إلى الوحدة العربية في مجابهة الأخطار ،ومطالبة الحكام بموقف يرقى إلى مستوى المرحلة والحدث،و الاستفادة من تعاظم المد العالمي المتنامي الذي يستنكر الهمجية الصهيونية إلى حد المطالبة بتقديم رموز الكيان الصهيوني للمحاكمة كمجرمي حرب،وتعاطف المنظمات الإنسانية على امتداد العالم مع ضحايا هذا العدوان المستمر،وقيام بعض الدول بطرد سفراء الكيان الصهيوني..
كل هذه التفاعلات الإيجابية خيوط من الضوء تحتاج إلى برامج عمل حقيقية لاستثمار هذه الإيجابيات،والتفاعلات،وإدامة فعلها،وتوظيفها في خدمة القضية الفلسطينية،ومراجعة الواقع العربي وتصويب مساراته،وإعادة تشكيل الرأي العام العالمي وتفعيله.وإذا كان كل هذا،أو معظمه ممكنا عربياً وعالمياً، فلا شك أن ذلك سيكون له أثره الإيجابي على القضية الفلسطينية المباشرة،ولكنه يتطلب بالدرجة الأولى إعادة اللحمة إلى البيت الفلسطيني الداخلي و وحدته الصلبة ،والتأكيد على خيار المقاومة وعدم إضاعة المزيد من الوقت في المساومة،والركض وراء السراب والأوهام والمفاوضات العقيمة
تحية لفلسطين الشهداء،تحية للأسود السجناء،وتحية للمقاومة والصمود،وتحية لهذه الروح الحيّة،ولهذا النبض العربي الشعبي المتدفق،وتحية لوحدة المقاومة على كل أرض عربية في وجه العدو المشترك،وتحية لشرفاء العالم،وانصار العدل،والحرية،وحقوق الإنسان، والخزي والعار لكل الخونة والعملاء و المتخاذلين .