بقلم :- سمير عبيد
#إسرائيل تتآكل من الداخل :
بلا شك أن المعركة الجارية حاليا بين غزة "وبأسم فلسطين والفلسطينيين والمقاومين والمجاهدين في كل مكان " وإسرائيل تمثل حدثاً نوعياً ومختلفاً في السياقات العسكرية والتقنية والامنية والنفسية والمعنوية عن جميع الصراعات والصدامات والحروب التي جرت بين الطرفين.
١-فلأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يصل سلاح المقاومة الفلسطينية"الصواريخ" الى جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة دون إستثناء.
٢-ولأول مرة يُجبر الشعب الإسرائيلي على الدخول في الملاجىء وفي جميع المدن الإسرائيلية في آن واحد .
٣-ولأول مرة تتعطل المطارات والسكك الحديد وتتعطل منشآت الطاقة والكهرباء والغاز ...الخ في بعض المدن الإسرائلية!
٤- ولأول مرة تدخل إسرائيل في متاهة "القرار والتصرف" لا سيما وانها تعيش أزمة سياسية خانقة بسبب التنافس والصراع السياسي الذي فرض أربع انتخابات متتالية ودون نتيجة حاسمة . كما انها تعيش أزمة اقتصادية خانقة بسبب جائحة كورونا .وتعاني من ضعف معنويات الجيش الإسرائيلي .
٥-ولأول مرة بتاريخ إسرائيل هناك تهرب من الخدمة العسكرية من قبل الشباب .لا بل بدأت العائلات اليهودية ترسل ابناءها الى الخارج لكي لا يُرسلوا للجيش الإسرائيلي وهذه حسب التقارير الاسرائيلية .
٦-ولأول مرة في إسرائيل هناك انقسامات خطيرة داخل المجتمع الاسرائيلي بسبب زيادة أعداد المتطرفين والمتدينين والحركات التابعة لهم .والتي باتت تتنافس على تشكيل الحكومة في اسرائيل فسببت خوفاً داخل المجتمع الاسرائيلي .لأن علامات الحرب الأهلية باتت واضحة .
٧- لأول مرة في إسرائيل يفقد الشعب الإسرائيلي الثقة وبشكل جماعي بحكومته وبالجيش الاسرائيلي وبالقبة الحديدية التي تباهت بها الحكومات الإسرائيلية!
٨- ولأول مرة تخسر إسرائيل 160مليون دولار خلال 48ساعة بسبب صواريخ غزة !
#تفوق شيعي في هذه المعركة :
١-هناك نأي عربي وخليجي واضح عن هذه المعركة الدائرة بين غزة واسرائيل( أي ان هناك نأي شبه تام من المنظومة السنية الرسمية والشعبية والاعلامية وغيرها) . بحيث ان الاعلام الخليجي والعربي يتجاهل ما يجري أو يشوه الانتصارات الفلسطينية ويدس السم بالعسل . باستثناء قناة الجزيرة الفضائية التي واكبت وتواكب المعركة اول بأول وبكل جدارة . ومعها بعض ونكرر بعض الفضائيات العربية القليلة جدا التي تنقل الاخبار من هناك ..
٢-والسبب في كل هذا هو ( سبب طائفي) لأن الصواريخ التي بحوزة المجاهدين الفلسطينيين هي صواريخ (ايرانية) وان الفنيين والمهندسين والتقنيين والخبراء الفلسطينيين جميعهم تدربوا في ايران او باشراف خبراء من حزب الله اللبناني. وان صح التعبير ان مازرعه الجنرال" قاسم سليماني ورفاقه "خلال سنوات اعطى ثمره الآن بهذا التفوق الخطير. والذي غير وسيغير جميع قواعد الأشتباك مع إسرائيل ووضع خارطة جديدة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي .بحيث هشّم صفقة القرن ، وهشّم ما خططت له الولايات المتحدة بأن تقلل اهتمامها بالمنطقة والذهاب الى مناطق اخرى بعد ان تُسلم المنطقة لإسرائيل وبريطانيا !.واليوم تهشم وجه أسرائيل وتبخرت سمعة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر .وتفوقت الصواريخ على الطيران الاسرائيلي الذي تتفاخر به إسرائيل !
٣-فالمرجعيات السنية بنسبه شبه مطلقة اعطت ظهرها لما يجري من ملاحم بطولية يسطرها ابناء فلسطين . مقابل الدعم المطلق من المرجعيات الشيعية وعلى رأسها مرجعية النجف بزعامة المرجع الاعلى للشيعة في العالم آية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله .
#إيران تحصد الذهب ؛
إيران التي تجري مفاوضات مع الاوربيين والولايات المتحدة في فيينا بخصوص العودة الى الاتفاق النووي من قبل الولايات المتحدة ورفع العقوبات والحصار عرفت ان إسرائيل لاعب خفي وقوي في تعطيل اي اتفاق وانه مجرد تسويف في الوقت .
لا بل ان اسرائيل تمادت في التحرش بأيران في البحر الأحمر، وفي البحر المتوسط ،وضد المنشآت النووية، واغتيال العلماء النوويين، والمشاركة في اغتيال قاسم سليماني،وتأسيس جبهة مع دول خليجية ضد ايران فقررت ايران :-
١-تأديب إسرائيل بطريقة مختلفة ولم تألفها من قبل .وذلك من خلال الصواريخ والمسيرات الايرانية التي دكت جميع المدن الفلسطينية المحتلة وبسواعد المجاهدين الفلسطينيين . لا بل ليس تأديبا بل كسرت ايران ظهر إسرائيل ، وفرضت شبح الحرب الأهلية في داخلها . والاهم أخذ زمام قيادة القضية الفلسطينية من العرب والخليجيين ومن تركيا ومن المسلمين من جهة .وتعويم السلطة الفلسطينية وحركة فتح سياسيا واجتماعيا من جهة اخرى !
٢- ارسلت إيران رسالة مهمة جدا الى الدول الخليجية التي طبعت مع إسرائيل ودخلت معها في جبهة تحالف ضد ايران. بأن عليها ان تعيد حساباتها. فأن إسرائيل لن توفر لها الأمن. وان تمادت هي نفسها ضد إيران ستكون مسرحا للصواريخ والمسيرات الايرانية.
وايران تعمدت جدا ان تضعط على المقاومين الفلسطينيين بأن يقصفوا جميع مدن إسرائيل لكي ترسل رسالة بأن الدول الخليجية تحت رحمة صواريخ ايران .وان القواعد الاميركية في المنطقة هي الاخرى تحت رحمة صواريخ ومسيرات ايران !
٣-إيران أرادت من وراء تلك التطورات ان تأتي وتتحاور مع السعودية في بغداد وهي مخيفة ومرعبة للسعودية ولدول الخليج .لكي تفرض على السعودية ( نسيان الحاحها بأن تفرض ملف الصواريخ البالستية على المفاوضات حول الاتفاق النووي) اي بمحاولة توسيع الملفات ليشمل الصواريخ البالستية الايرانية وملف التدخل الايراني في بعض الدول العربية. وفرض السعودية ودول خليجية اعضاء جدد في المفاوضات ٥+١) وهذا ترفضه ايران بشدة!
٤- إيران التي نجحت بالتلاعب الذكي في رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومثلما نجحت من قبل بالتلاعب بصدام حسين وجعلت نتنياهو يرتكب اخطاء وضربات ضد ايران فأستغلتها ايران فطورت برنامجها النووي ل ٦٠٪ ونصبت معدات وتقنيات اكثر تطور. فهي الآن تستغل الفوضى في إسرائيل وفي المنطقة وانشغال العالم في هذه الفوضى لتذهب الى مديات اخرى في مشروعها النووي .
ولن نستبعد بأنها ستصل او وصلت الى ( القنبلة النووية ) ويبدو ان الرئيس بايدن ( هكذا الملامح) يريدها ان تصل لهذه القنبلة لكي يحصل توازن في المنطقة بين ايران وإسرائيل. ومن ثم يستميل ايران لتصبح مع المعسكر الغربي بدلا من الصين وروسيا . ولكي تتفرع امريكا لمناطق اخرى في العالم !
٥-نجحت ايران ومن خلال الصواريخ والمسيرات في غزة من التخفيف على سوريا من القصف الاسرائيلي شبه اليومي، لتفسح المجال ( لأنتخابات سورية تحقق فيها فوز الرئيس الأسد) ..وفي نفس الوقت سوف تستغل الفوضى في اسرائيل لترتيب اوراقها وتموضعها في سوريا ،واهمها ( هندسة جبهة الجولان ) وامداد حزب الله بما هو جديد .
٦- كل مايحدث في داخل إسرائيل بفعل الصواريخ والمسيرات الايرانية التي بحوزة المجاهدين الفلسطينيين سوف يرمي بضلاله على ( الانتخابات الايرانية ) في حزيران المقبل ولصالح المحافظين حصراً وبالضد من الاصلاحيين !
٧-نجحت ايران ومن خلال الفوضى في اسرائيل تبييض وجوه جميع الفصائل والحركات المرتبطة بها في الدول العربية . واعطت زخماً كبيرا وقوياً الى الفصائل العراقية المرتبطة بايران والتي بحوزتها اسلحة وصواريخ ومسيرات فتاكة ايضاً . بحيث اصبح الاميركان في العراق يعدون الى 1000قبل ارتكاب أي حماقة !
٨-هناك تحالف عسكري وسياسي عقد في موسكو قبل شهرين ونصف بين حزب الله وروسيا أصبح بموجبه حزب الله حليفا لروسيا في سوريا، وصديقا مقربا جدا في لبنان. وبعدها بفترة استدعي حليف حزب الله في لبنان وزير الخارجية السابق وصهر الرئيس عون ( جبران باسيل) ومعه وفد من حزب الرئيس عون الى موسكو و عُقدت اتفاقيات خاصة بينهم وبين موسكو ايضا .
فيجب عدم اسقاط هذه الاتفاقيات عن مايجري في إسرائيل . لاسيما وأنني أجزم ان الصاروخ الذي اطلق من سوريا ووصل قرب مفاعل ( ديمونة) النووي في إسرائيل قبل فترة كان صاروخا روسيا وكان بمثابة رسالة من موسكو الى واشنطن ان تخفف من ضغطها على روسيا من جهة اوكرانيا والا ستصبح المقايضة ( إسرائيل مقابل أوكرانيا ) !
#الخلاصة :-
مايحدث في اسرائيل بفعل صواريخ ومسيرات غزة قد قبر تاريخ مضى ، وأسس لتاريخ جديد فيه المقاومة الفلسطينية رقماً صعباً للغاية ولا يمكن تجاوزه. لا بل اصبحت غزة هي التي تملي على عباس وفتح !
وعلينا انتظار متغيرات اخرى !
وعيدكم مبارك وكل عام وانتم بخير
سمير عبيد
١٤ مايو ٢٠٢١