خميس بن عبيد القطيطي
هناك توجه لدى إدارة جو بايدن بالعودة الى الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي انسحبت منها إدارة ترامب المنتهية ولايته في يناير الماضي ٢٠٢١م، ومن أبرز تلك الاتفاقات الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥+١ الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام ٢٠١٨م في خطوة أحادية الجانب وضعت الاتفاق عالقا بعد سنوات من توقيعه في ٢٠١٥م، تبع ذلك تشديد العقوبات الامريكية على ايران قابلته ايران بالاعلان عن رفع نسبة التخصيب من ٣.٧% الى نسبة ٢٠% وتأكيد ذلك بزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي (المطورة) في منشآتها النووية.
اليوم هناك لهاث كبير يسود الدول المعنية بالاتفاق ومجلس محافظي الوكالة للعودة الى الاتفاق النووي، فالبديل هنا هو تخلي ايران عن إلتزاماتها المتعلقة بزيادة نسبة التخصيب وهو ما يعني وصول ايران (مع الوقت) الى الكمية اللازمة من اليورانيوم للاستخدامات متعدد الأغراض، وهو مصدر قلق الدول الغربية و”اسرائيل” على وجه الخصوص، وكانت “اسرائيل” قد هددت على لسان رئيس الاركان بشن هجوم عسكري دقيق على منشآت ايران النووية، ردت عليه ايران فورا بأنها ستدمر تل ابيب وحيفا في حال الإقدام على أية مغامرة من هذا النوع، واستمرت حرب التصريحات بين الطرفين حيث أعلنت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الايراني بأن ايران قادرة على محو “اسرائيل” خلال نصف ساعة، وأعلن رئيس وزراء اسرائيل قبل أيام بعدم السماح لايران بامتلاك السلاح النووي وتشكيل تهديد وجودي لبلاده، رد عليها المرشد الاعلى في ايران علي خامنئي (حسب قناة روسيا اليوم بتاريخ ٢٢ فبراير ٢٠٢١م): “اذا قررت ايران امتلاك السلاح النووي فلا يمكن له ولا من هو أكبر منه أن يمنعها” ومضى في حديثه “من الممكن أن تصل نسبة تخصيب اليورانيوم الى ٦٠% وذلك خاضع لحاجة بلاده الى الطاقة النووية السلمية” ، وبعيدا عن هذه التهديدات بين ايران و”اسرائيل” يدرك أعضاء الوكالة الدولية ودول ٥+١ أن بقاء الاتفاق النووي في حالة تعليق ليس من مصلحة أحد حيث تمضي ايران في مسار رفع نسبة التخصيب بزيادة أجهزة الطرد المركزي وذلك من خلال تشغيل سلسلة ثالثة من هذه الاجهزة المطورة وعددها (١٧٤) جهاز في منشآة نطنز، وتركيب السلسلة الرابعة والخامسة التي تحتوي نفس العدد من الأجهزة في كل منها، بالإضافة الى قرار تقليص التفتيش أيضا، وهو ما يضع مجموعة الدول الاعضاء والوكالة الدولية على المحك لمعالجة الموقف بالعودة الى الاتفاق النووي بشكل عاجل .
ايران لديها تجربة طويلة مع الوكالة الدولية ومجموعة ٥+١ في المفاوضات حول مشروعها النووي وتتسم سياستها بالنفس الطويل من أجل الحصول على حقها في امتلاك التقنية النووية للأغراض السلمية، وتنتظر ايران مبادرة من قبل الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات أولا للعودة الى الاتفاق النووي والعمل به، فيما ترغب الولايات المتحدة والثلاثي الاوروبي بعودة ايران الى الاتفاق (أولا) ثم يتم الحديث عن رفع العقوبات بشكل تدريجي، وهنا يبدو لا خلاف مبدئي على موضوع العودة الى الاتفاق ولكن كل طرف يرغب بتحقيق مكاسب معنوية قبل اعلان العودة إليه.
زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية “رفايل جروسي” الى طهران أواخر الشهر الماضي فتحت نافذة ايجابية في موضوع تقليص التفتيش على المنشآت النووية، فيما تنتظر طهران مبادرة امريكية للاعلان عن تخفيف العقوبات للعودة مجددا الى الاتفاق، وهو ما يتطلب أن يحدث بشكل متزامن في لقاء يجمع وزراء الخارجية للدول المعنية بالاتفاق أو من يمثلهم تحت سقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاعلان عن تخفيف العقوبات مع بدء فوري بتنفيذ الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥+١ وذلك لفك عقدة من يبدأ أولا .
كاتب عُماني