الحياة
الحياة كلمة عائمة ، عائمة من حيث النوع، عائمة من حيث الاستثمار في الواجهة الصحيحة لها ، وعائمة من حيث المفهوم .
بالرغم من اختلاف مفاهيم الحياة المتنوعة، والتي تتنوع من حيث العنصر المختص بها، إلا إنه في حياة كل واحد منا هدف أو أهداف يسعى لتحقيقها على الوجه الأكمل والأمثل.
فالحياة .. ليست مجرد انتظار لما نريد وخمول ورفاهية وتسلية ، بل لا بد من خلالها أن نحقق أهدافنا.
لذا لا بد أن تتكون أو تتولد لدينا روح المغامرة لتحقيق ما نصبو إليه، فالحياة… فشل وإخفاق وتحد ونجاح ، وعلينا أن لا نقف عند حد الفشل والإخفاق.... بل نسعى للنجاح ونغامر من أجله.
ولكن كيف نستطيع أن نصل لهدفنا ؟ وكيف نتخطى الفشل الذي يواجهنا ، وكيف نستطيع أن لا نشعر بالإحباطات التي قد تواجهنا في حياتنا؟! .... ذلك يكون عن طريق العلاقة الروحانية بين العبد وربه جلت قدرته.
حيث كما نعلم أن الحياة في الإسلام لها طابع أساسي…. ألا وهي هذه العلاقة الروحانية التي تتجلى في قلب كل منا… فلو تأملنا في قوله تعالى:" المال والبنون زينة الحياة الدنيا والبقيت الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا" ، فإن دلالة العلاقة الروحانية تأتي في آخر الآية الكريمة " البقيت الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا "
فمن خلال تمسكنا بمبادئ الإسلام والأعمال التي حث عليها ديننا الحنيف نصل إلى هذه العلاقة الممتعة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى.
فالمتعة الحقيقية لمفهوم الحياة، هي هذه العلاقة الروحانية… فإنها علاقة سامية بعيدة عن ملذات الحياة ومتاعها، علاقة تبعث في نفس الإنسان السكينة والطمأنينة فقد قال سبحانه وتعالى " ألا بذكر الله تطمئن القلوب" .
هذه المتعة التي من خلالها نستطيع أن نستشعر بالمعنى الحقيقي للحياة والتي تجعلنا نشعر كذلك بالذات الإنسانية ، والتي بدورها تجعلنا نسعى لتحقيق الإرادة الشخصية لأنها تبث بأنفسنا القوة … ومن خلالها الإرادة والعزيمة …. هذه هي العلاقة الروحانية فما أمتعها وما أكبر معانيها التي مهما تحدثنا عن معانيها لا نوفيها حقها ، فهي التي تجعلنا نشعر بمعنى السعادة الحقيقية للحياة.
فهي علاقة تبعث في نفوسنا الأمل الذي يتجدد مع كل إحباط وفشل قد يواجهنا الحياة، ويجعلنا نفكر في متعة الحياة الدنيا الحقيقية .
الأمل … الذي يولد في نفوسنا التحدي الكبير مما يواجهنا في هذه الحياة بشكل يومي ومستمر.
إن التحدي الكبير والحقيقي أمام الإنسان هو مواجهة الحياة بملذاتها، كل ذلك يأتي عن طريق هذه الرابطة الروحانية القوية بين الله والإنسان، من حيث الرغبة في الوصول إلى متاع الحياة الآخرة.
إننا لو نظرنا إلى مفهوم الحياة من المنظور الإسلامي، نصل إلى كثير مما نطمح ونحقق الكثير مما نريد ، قال سبحانه وتعالى: " وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" .
فمحاولة وصولنا إلى متاع الحياة الآخرة، يجعلنا نصل إلى ما نريده في حياتنا الدنيا بالشكل الصحيح والأمثل .
فديننا الحنيف من مبادئه … العمل عبادة… والحياة مسؤولية… فنحن مسؤولون عما يجري في حياتنا الشخصية …. قال الرسول(ص): " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته… " .
فهذه الرابطة الروحانية بين العبد وربه، تجعله يصل إلى ما يصبو إليه، تجعله يشعر بقيمة ومتعة الحياة الدنيا، فهي رابطة يستمد منها أمل كبير ولا تجعله يخفق عند أول فشل يواجهه في حياته بل على العكس تولد لديه التحدي الكبير في مواجهة إخفاقات واحباطات الحياة.
رفيف عبدالله الطائي