"العاشر من يناير"
بدرية بنت حمد السيابية
يوم العاشر من يناير تتزاحم الذكرى المؤلمة في قلوبنا حزناً ودموعنا الحارقة على الخد نزلت -خبر أصعق الكبير والصغير وتسلل الحزن لقلوبنا نبكي بغصة حارقة، أذكره بكل تفاصيله عند سماع صفارات الإنذار في البلاد والفكر يُخمن لربما هو استعداد رجالنا الأقوياء لحماية وطننا من غزو الأعداء تشتت الفكر هنا وهناك – أخي يستعد للخروج راكضاً لتقول له أمي هون عليك يا “بني” ماذا بك لما أرى الحزن في عينيك، قبل رأس أمي وكأنها قبلة الوداع.
أغلق الباب وكانت عيناه تبوح بصمت كطير جريح يحلق مستمراً للوصول بكل عزيمة تاركاً وراءه كل أحبابه ليقوم بواجبه،
تسارعت نبضات قلبي وتشتت فكري ترتجف يداي لا أعلم ما هذا الإحساس الغريب الذي تملكني لِمَ هذا الصمت المخيف؟ لِمَ أرى رجالنا الأوفياء واقفين في كل مكان ليل ونهار صامدين انقطعت عنهم الأخبار والسؤال المكرر في كل حين أيعقل هناك شيء خطير؟ بين الحين والآخر أشاهد نشرة الأخبار لعل أجد بين سطورها خبراً يسعد القلب وتدمع العين فرحاً، كُنت أعاند فكري وأقول سيكون كل شيء بخير بإذن الله تعالى.
أثقلَ النُعاس عيناي ونمتُ بعد إرهاق وفكرٍ أرهقني استسلمت للنوم وكما يقال “النوم سلطان” نهضتُ على صوت المؤذن يقول: (حي على الصلاة، حى على الصلاة) أخذتُ سجادتي للصلاة ورفعت يديَّ للدعاء لرب العالمين بأن يهدئ الأوضاع وتطمئن القلوب، انتهيت من صلاتي -أخذت جوالي وتفقدت “الواتساب” وإذا بخبر أصعقني كبرق نزل عليَّ وانقسم جسمي لنصفين أحرق كل شريان فيني أبطأت نبضات قلبي تجمدت مكاني لا أعلم ماذا أفعل -أسرعتُ لإشغال التلفاز لتأكيد الخبر وتمنيت أن تكون إشاعة “ذبابة إلكترونية”.
وسمعت صوت المذيع أحمد بن حافظ العامري وهو يعلن خبر وفاة السلطان قابوس بثبات رهيب ورباطة جياشة يقول فيه:
(نعي صادر من ديوان البلاط السلطاني، ((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) إلى أبناء الوطن العزيز في كل أرجاءه إلى الأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع بقلوب مؤمنة ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له بإذن الله تعالى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور المعظم الذي اختاره الله إلى جوار ربه في مساء يوم الجمعة بتاريخ ١٤ جمادي الأولى لعام ١٤٤١هجري الموافق ١٠ من يناير لعام ٢٠٢٠ ميلادي – بعد نهضة شامخة أرساها خلال خمسين عاماً منذ تقلد زمام الحكم في ٢٣ من يوليو لعام ١٩٧٠ ميلادي وبعد مسيرة حكيمة مظفرة حافلة بالعطاء، شملت عمان من أقصاها إلى أقصاها وطالت العالم العربي والإسلامي والدولي قاطبة وأسفرت عن سياسة متزنة وقف العالم أجمع إجلالاً واحتراماً).
نعم هكذا استقبلنا خبر وفاة رجل الحكمة والسلام الأب الحنون الذي رسم خريطة بلاده تحت الظلال وسهر الليالي لحرصه الدائم على هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه، وسياسته الحكيمة في حل النزاع ليعم الأمن والأمان لهذا الوطن الغالي “عُمان” وللعالم قاطبة – رحل وترك القلوب تشتاق له يوماً بعد يوم لن ينساك شعبك الوفي يا مولاي رحمة الله تغشاك ويكون قبرك روضة من رياض الجنة -اللهم ارحم السلطان قابوس بن سعيد المعظم وبارك في عمر السلطان هيثم بن طارق المعظم واكتب لوطننا الأمن والأمان والاستقرار على طول الأزمان.